الملك فاروق».. مشهدية ساحرة وحسّ درامي عالٍ

رؤية حاتم علي تتناغم بإتقان مع نص لميس جابر
«الملك فاروق».. مشهدية ساحرة وحسّ درامي عالٍ

بدأت الأعمال الدرامية لشهر رمضان تكشف عن نفسها وتكسب مؤيدين ومناصرين أو تخسرهم في لعبة تقوم على سياسة الشد والرخي يتجاذبها ثمانين مسلسلاً هذا العام، علماً أن المسلسلات العربية هذا العام تراجعت بنسبة عشرين بالمئة، من حيث الكم مقارنة مع مسلسلات العام الماضي. وهذا التراجع بدا واضحاً في الدراما السورية التي لم تتجاوز مسلسلاتها الـ 25 مسلسلاً هذا الموسم.

«الملك فاروق» هو أحد المسلسلات التي تقدم على شاشة «أم بي سي» حصرياً على صعيد القنوات المفتوحة، بينما حصلت على حق عرضه قناة المسلسلات على شبكة «أوربت» المشفرة مقابل مليون دولار. وليس من قبيل المصادفة اختيار إدارة المحطة منتصف الليل لعرض حلقات المسلسل، لأن هذا التوقيت الذهبي هو ما تسعى المحطات لعرض أهم مسلسلاتها خلاله.

المسلسل من تأليف الدكتورة لميس جابر وإخراج حاتم علي، ويجسد شخصية الملك فاروق النجم السوري تيم الحسن، ويشارك في البطولة عزت ابوعوف، ونبيل الحلفاوي، ومحمود الجندي، وحسن كامي، ووفاء عامر، وعبدالرحمن ابوزهرة، وهادي الجيار، وصلاح عبدالله، وهناء الشوربجي، وزيزي مصطفى، وبهاء ثروت، وغادة نافع، ورؤوف مصطفى، ولطفي لبيب، وشيرين عادل.

وانتهى المسلسل في حلقاته المقدمة حتى الآن من عرض البيانات التمهيدية لنشأة الملك فاروق والظروف الحياتية السيئة التي جاءت نتيجة زواج أب غير عربي من أم مصرية حرمت في أوقات طويلة في حياتها من تربية ولدها للشك بكفاءتها أولاً، ولأن طريقة تربية أبناء الطبقة الأرستقراطية كانت تتعرض لضغوط كبيرة في تلك الحقبة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السياسة الانجليزية كانت تلقي بظلالها الثقيلة حتى على حياة الملوك والسلاطين والباشاوات.

برز في هذا العمل حضور طاغ للممثل عبد الرحمن أبو زهرة مجسداً كضيف شرف دور الزعيم الوطني سعد زغلول الذي عرض في مرات كثيرة، وجسدت شخصيته في مسلسلات عديدة، ولكن هنا يبرز حضوره على الرغم من قلة مشاهده بطلاً وطنياً مدافعاً عن حقوق المصريين.

وبدأ الفنان السوري تيم حسن بالظهور في الحلقة الثالثة من هذا العمل، في حضور يلمح إلى جهد كبير بذله هذا الممثل الشاب في قراءة الشخصية، وتغيير في شكله الخارجي.

وفي ذاكرة الجميع أن رغبة الفنان يحيى الفخراني كانت ملحة في تقديم هذه الشخصية لولا تقدم العمر به، إذا تيم حسن بدأ يكشف عن أدائه شيئاً فشيئاً، وقد تمكن من اللهجة المصرية ومن مشاكسات الملك فاروق في بداية شبابه وقرب تسلمه السلطة من والده الملك فؤاد..

وهي تركة رجل مريض لم يستطع تحقيق انجازات مهمة، إلا أنه زاد من سطوة الانجليز في مصر، لا بد هنا أن نلفت إلى أداء متميز للفنان حسن كامي، وهو يقدم دور الملك فؤاد بعناية، وربما هو جزء من «كاستينغ» متميز اختاره حاتم علي بتناغم لهذا العمل.

خيارات حاتم علي في التصوير خيارات مثالية من خلال رفاهيات قصور السلاطين والملوك وانتهاء بتجسيد دور الشعب، ربما في هذه المساحة ليس هناك حضور طاغ لحكايات البسطاء المصريين في تلك الفترة لان اهتمام العمل ينصب على الكشف عن تفاصيل حياة الملك فاروق في القصور.

ولكن يبدو ان هناك دخولا قويا في الساحة المصرية يمهد لها المخرج ببعض المشاهدات العابرة التي تعطي لمحات سريعة عن حال المصريين والفقر الذي كان ينهشهم في ظل وجود الحكم الانكليزي الذي اعتاد على مص خيرات الشعوب في مكان سيطر عليه.

حاتم علي هو أول مخرج سوري يدخل القاهرة ليخرج دراما تلفزيونية عن حياة الملك فاروق بإنتاج سعودي، لذا كان متكتماً عن كل مراحل تصوير العمل في الأشهر القليلة الماضية، خلافاً للترويج الإعلامي الذي تحفل به مسلسلاته عادة، ربما يكون مرد ذلك خشيته من الضرب تحت الحزام مع كثرة التعليقات حول استقدام مخرج سوري يضع رؤيته وممثل سوري يؤدي شخصية الملك فاروق آخر ملك أقصته ثورة 23 يوليو، لذا أعد عدته جيداً.

وحتى الآن يبدو أن هناك صورة متميزة لرسم مشهدية حكاية مصرية محكمة عن آخر ملوكها، كتبتها بحس درامي عال الدكتورة لميس جابر زوجة الفنان يحيى الفخراني، ونلفت هنا إلى الخيار الذكي في شارة النهاية التي تعرض صوراً وثائقية وأفلاماً ترصد لسيرة الملك الشاب في مفاصل رئيسة وحقيقية في حياته.